فضاء حر

صفقات الحوثيين

يمنات
من أكثر المعطيات اثارة للانتباه الواردة في تقرير اللجنة الوطنية الرئاسية المكلفة بالتفاوض مع الحوثيين برئاسة الدكتور بن دغر، حول تفاصيل المفاوضات بين اللجنة وجماعة انصار الله، للحل السياسي للأزمة ، ما كشفه التقرير عن الصفقة التي عرض الحوثيون اجراءاها مقابل الغاء قرارات جرعة المشقات النفطية.
تقرير اللجنة المذاع صوتا وصورة تحدث عن طرح ممثلي جماعة انصار الله بدائل لتشجيع الرئيس تلبية مطالبهم بإلغاء الجرعة، والتي كان من بينها أن يلغي الجرعة، بما يعيد اسعار المشتقات النفطية إلى سابق عهدها، مقابل تعهدهم تقديم الفارق المالي الذي سينتج عن هذه الخطوة لمدة شهرين، في حال واجهت الدولة مشكلات في سداد الأعباء الهائلة الناتجة عن هذه الخطوة.
من المؤكد أن الحوثيين كانوا يعرفون أن الدعم الذي تقدمه الدولة للمشتقات النفطية يصل وفق البيانات الرسمية إلى حوالي 3.2 مليار دولار، ما يعني أن حجم الدعم الشهري يصل إلى حوالي 271 مليون دولار شهريا، باعتبار أن الجرعة اتاحت ارتفاعا في اسعار المشتقات انتج وفرا ماليا قدره 700 مليار ريال ( 3.2 مليار دولار).
الحوثيون وفق تقرير اللجنة الذي لم ينفوه حتى الآن، بدوا مستعدين للتضحية بمبلغ يصل إلى حوالي 542 مليون دولار، مساهمة متواضعة منهم لتحقيق انجاز سياسي في ارغام صنعاء على الغاء الجرعة الاقتصادية.
والرقم يبدوا لي فلكيا، ويصعب كتابته بلغة الارقام السياسية، وهو يطرح اسئلة كثيرة عن أي خزينة في صعدة أو صنعاء أو اليمن يمكن أن تتعهد بتقديم هذا المبلغ الضخم ومن أين ولماذا وكيف ؟
الاحتمال الأقرب للتصديق أن الحوثيين كانوا يخططون للكذب على اللجنة الوطنية الرئاسية والكذب على الدولة، لأن هذا المبلغ لا يمكن أن يكون بحوزتهم وهم الخارجون من ست حروب أكلت الأخضر واليابس، ولا تغني معه التبرعات ولا يمكن أن ينزل مطرا من السماء.
إن لم يكنوا كذلك فمن حقنا ان نعرف من أين سيوفرون مبلغ كهذا إن وهم لا يزالون يرفضوا اتهامات بعض القوى السياسية بتلقي دعم ايراني سخي، بل وأكثر من سخي.
من حقنا ان نعرف في مقابل ماذا يمكن لطهران ان تتكبد مبلغا كهذا.
ومن حقنا أن نعرف لماذا كل هذه المساومات، وهم يعرفون تماما أن الدولة اليمنية لو الغت الجرعة الاقتصادية لن تصير دولة بالمعني السياسي والاقتصادي لأن هذا القرار ستفقدها كل اركانها الداعمة لبقائها على قيد الحياة.
المؤكد أن الحوثيين لا يملكون امبراطورات اقتصادية، وليس لديهم مناجم ماس أو ذهب، تتيح لهم دفع هذه الفاتورة الباهظة التكاليف.
والمؤكد أيضا أن الدولة التي تعهدت دفع هذا المبلغ من أجل تسجيل مكسب سياسي لتكون جماعة أنصار الله ” هي الجماعة الدينية الأبرز والأقوى نفوذا وشعبية على طول البلاد وعرضها، هي في الواقع مستعدة لأن تنفق هذا المبلغ في خراب البلاد طولا وعرضا.
ها انتم تكررون تجارب التنظيم الدولي للإخوان وكأنه لا مدرسة في السياسة والتآمر سواهم.
معادلة من يدفع أكثر وإن حققت مكاسب سياسية آنية إلا ان هذه المكاسب يستحيل أن تصمد طويلا.
عليكم ان تتعلموا الدرس من آخره فالعبرة بالنهايات
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى